واف بالكشف عن حقيقة الحال في هذه المباحث.
أما الشيخ الرئيس أبو علي ابن سينا فإنه سلم أن الجزم بهذه المقدمة حاصل. إلا أنه زعم أن الجازم بها هو الوهم لا العقل. وزعم أن حكم الوهم في غير المحسوسات غير موثوق به.
ولقائل أن يقول : إما أن تقولوا : إن الجزم الحاصل [في هذه المقدمة يساوي الجزم الحاصل (١)] في سائر البديهيات. كقولنا : الواحد نصف الاثنين ، وأن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان. وإما أن تنكروا هذه المساواة. فإن ذهبتم إلى القسم الأول ، وهو : إذا كانت قوة الجزم في الصورتين بالتساوي. فالعلم بكون إحداهما حقة والأخرى باطلة ، إما أن يكون علما ضروريا أو نظريا. فإن كان العلم الضروري بالفرق بينهما حاصلا ، كان ذلك مانعا من حصول الجزم القوي لكل واحد منهما ، وأن كان الفرق لا يعرف إلا بالنظر والدليل ، فحينئذ تصير صحة البديهيات موقوفة [على الدليل ، إلا أن صحة الدليل موقوفة (٢)] على البديهيات فيلزم الدور وهو باطل. وإما إن ذهبتم إلى القسم الثاني وهو أن الجزم بهذه القضية ليس في القوة والشدة [مثل جزم العقل بالبديهيات (٣) فحينئذ تخرج هذه القضية عن أن يكون مجزوما بها ابتداء. وذلك يوجب سقوطها بالكلية [فهذا تمام الكلام في هذا الباب (٤)]
__________________
(١) من (س).
(٢) من (و).
(٣) من (و).
(٤) من (و).