فلم لا يجوز أن يكون إله العالم هو الشمس والقمر؟ لأن الأفلاك والكواكب ليس فيها عيب، يمنع من كونها آلهة ، إلا أمورا ثلاثة ، وهي كونها مركبة من الأجزاء ، وكونها محدودة متناهية ، وكونها قابلة للحركة والسكون. وإذا لم تكن هذه الأشياء مانعة من الإلهية ، فكيف يمكن الطعن في إلهية الشمس والقمر؟ بل في إلهية العرش والكرسي. وذلك عين الكفر والإلحاد ، وإنكار الصانع. وأما القسم الثاني وهو أن يقال : إن إله العالم جسم. ولكن الانتقال والحركة عليه محال. فنقول : هذا باطل من وجوه : الأول : إن هذا يكون كالزمن المقعد ، الذي لا يقدر على الحركة وذلك نقص وهو على الله محال. والثاني : إنه تعالى لما كان جسما ، كان مثلا لسائر الأجسام ، فكانت الحركة جائزة عليه. والثالث : إن القائلين بكونه جسما مؤلفا من الأجزاء والأبعاض ، لا يمتنعون من تجويز الحركة عليه. فإنهم يصفونه تعالى بالذهاب والمجيء ، فتارة يقولون : إنه جالس على العرش ، وقدماه على الكرسي ، وهذا هو السكون. وتارة يقولون : إنه ينزل إلى السماء الدنيا وهذا هو الحركة. فهذا جملة الدلائل الدالة على أنه تعالى ليس بجسم (١). والله أعلم.
__________________
(١) على أنه يمتنع كونه جسما (س).