في
الوجوه المستنبطة
في هذا الباب من الزمان
فالحجة الأولى : أن يقال : البارئ والعالم. إما أن يقال : إنهما وجدا معا ، أو يقال: العالم متأخر عن البارئ بمدة غير متناهية ، أو متأخر عنه بمدة متناهية. والقسم الأول والثاني باطلان (١) فتعين الثالث.
وإنما قلنا : إن القسم الأول باطل. إذ لو كان البارئ والعالم معا ، لزم أن يكونا معا قديمين (٢) أو يكونا معا محدثين. وإنما قلنا : إن القسم الثاني باطل. لأن المتقدم على المحدث بمدة متناهية ، يكون محدثا. فيلزم حدوث البارئ. فبقي الثالث وهو أن يقال : البارئ متقدم على العالم بمدة غير متناهية ، فهذا يوجب القول بأن تلك المدة التي بسببها تقدم البارئ على العالم ، تقدما لا نهاية له تكون قديمة. فهذا يوجب قدم المدة.
ويمكن ذكر هذا الكلام في تقرير قدم المدة ، بحيث لا يحتاج فيه إلى ذكر قدم العالم. فيقال : لا شك أن البارئ متقدم على الحوادث الحادثة في هذا اليوم ، فإما أن يكون تقدمه عليها بمدة متناهية ، أو بمدة غير متناهية. والأول يوجب حدوث البارئ ، والثاني يوجب قدم المدة. فإن قيل : هذا بناء على أن تقدم البارئ على العالم ، أو على هذا الحادث المعين بمدة، حتى يقال بعد
__________________
(١) باطل (ت)
(٢) قديمين ، وأن يكونا محدثين (ت)