والجواب : إن هذه الإشكالات بأسرها ، إنما تتوجه على من يقول : الزمان عبارة عن مقدار الحركة ، وأنه حالة منقضية سيّالة ، وتحصل فيها آنات متعاقبة. ونحن لا نقول : بشيء [من ذلك (١)] بل الحق : أن المدة في ذاتها : جوهر باق ، [فإن (٢)] لم يقارنه شيء من الحوادث ، فهناك حصل الدوام الواحد ، والاستمرار الواحد ، من غير [فرض (٣)] تبدل أحوال ، ومن غير حصول تغير صفة. وذلك هو [المسمى بالدهر (٤)] والأزل والسرمد. وأما إن قارنه حدوث الحوادث المتعاقبة المتلاصقة ، فحينئذ يحصل هناك بسبب حصول تلك الحوادث المتعاقبة ، مع وجود تغيرات في نسب ذلك الشيء ، وفي إضافاته الخارجة عن ماهيته. فلهذا السبب يظن في ذات المدة : أنه أمر سيّال منقض. وليس الأمر كذلك ، وإنما السيلان والتقضي يحصلان في نسب ذلك الشيء ، وإضافاته العارضة لجوهره. وعلى هذا المذهب ، فالأسئلة بأسرها ساقطة.
واعلم أن أصحاب «أرسطاطاليس» يحتجون على قدم الزمان. ثم لما كان مذهبهم : أن الزمان مقدار الحركة ، لا جرم أمكنهم أن يستدلوا بقدم الزمان على قدم الحركة ، وبقدم الحركة على قدم الجسم.
فإذا (٥) قلنا المدة والزمان : جوهر قائم بنفسه ، وأنه ليس من لواحق الحركة ، فحينئذ لا يمكن الاستدلال بقدم المدة على قدم الحركة [والجسم (٦)] فلتكن هذه الدقيقة معلومة.
ثم نرجع إلى بيان الجواب عن السؤالات المذكورة : أما قوله : «لا نسلم أن تقدم البارئ [تعالى (٧)] على العالم يكون بالمدة» قلنا : الدليل
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) من (ت)
(٣) من (ط)
(٤) من (ت)
(٥) أما إذا (ط ، ت)
(٦) من (ط ، ت)
(٧) من (ط ، ت)