والثاني : إن ما لا يكون مختصا بالحيز والجهة ، كانت الحركة عليه ، ممتنعة. وما كان مانعا من قبول الحركة ، يمتنع أن يكون شرطا لقبول الحركة. وإن كان الثالث ، وهو أن يكون شرط كون البعد قابلا للحركة ، شيء لا يكون [حالا (١)] فيه ولا محلا له. فهذا أيضا باطل ، لأن ذلك الشيء يجب أن لا يكون جسما ولا جسمانيا ، وحينئذ يعود البحث الأول فيه. فيثبت بما ذكرنا : أن البعد واجب الوجود لذاته ، ومتى كان الأمر كذلك ، كان ذلك البعد قابلا للحركة [وكل بعد قابل للحركة (٢)] فهو جسم. ينتج : أن الجسم واجب الوجود لذاته. وهذا يفيد أمرين :
أحدهما : أنه لا نهاية للأجسام (٣) لأنه لو حصلت لها نهاية ، لوجب أن يحصل في الخارج [امتياز أحد الجانبين عن الآخر (٤)] فيكون الجسم (٥) موجودا في الخارج عنه. فذلك الذي فرضناه نهاية للأجسام. لم يكن نهاية لها. هذا خلف.
والثاني : أنه لا أول لوجود الأجسام ، وإلا فقبل ذلك الأول ، لا بد وأن تتميز الجوانب بعضها عن البعض. وإذا حصل هذا الامتياز ، كانت الأبعاد موجودة [وإذا (٦)] كانت الأبعاد (٧) موجودة ، فقد وجد الجسم قبل وجود الجسم. هذا خلف. فثبت : أن هذا الكلام يدل على أن الأجسام الموجودة في هذا الوقت : غير متناهية. وثبت أيضا : أنه لا أول لوجودها ، ولا آخر لوجودها. فهذا هو الشبهة المذكورة في قدم الأجسام المستنبطة من البحث عن ماهية المكان [والله أعلم (٨)].
__________________
(١) من (س)
(٢) من (س ، ط)
(٣) للإجابة (ط)
(٤) سقط (ط)
(٥) البعد (ت)
(٦) من (ت)
(٧) الأجسام (ط ، س)
(٨) من (ت)