يقال : إنه لا قديم إلا الواحد. ولما كان البارئ تعالى قديما ، كان ما سواه محدثا ، وهذه الدلالة إنما يصح التمسك بها على القول بنفي الصفات.
فهذا آخر الكلام في هذه المسألة الهائلة.
وللفلاسفة هاهنا مقام آخر. وهو أنهم قالوا : دلائلنا المأخوذة من باب برهان اللم. وذلك لأنا نظرنا في المؤثر. فقلنا : إنه مستجمع لجميع الجهات المعتبرة في المؤثرية ، وأنه متى يكون الأمر كذلك ، امتنع تخلف الأثر عنه. وأما أصحاب الحدوث فإنهم إنما نظروا في أحوال الجسم ، فعرفوا أنها متغيرة ، فيمتنع صدورها عن المؤثر في الأزل ، فكان هذا الكلام من باب برهان الآن.
[ومعلوم : أن برهان اللم أشرف وأقوى من برهان الآن (١)] وهاهنا آخر الكلام في هذا البحث المهيب ، والمطلوب الهائل.
ونختم الكلام فيه بهذا التضرع. فأقول :
يا من ذكره شرف للذاكرين ، ويا من طاعته فخر للمطيعين.
إن أصبت فيما قلت ، فمنك الفضل والإحسان. وإن أخطأت فمن الجهل والخذلان، وطاعة الشيطان. فيا حنان ويا منان ، وسبحان ، ويا برهان : الغفران ، الغفران ، الغفران.
خلصنا من دركات النيران ، وأوصلنا إلى درجات الجنان [والحمد لله حق حمده ، وصلواته على النبي محمد ، وصحبه وآله (٢)]
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) من (ت)