فيه المد والجزر في كل يوم وليلة ، مع طلوع القمر وغروبه. وذلك موجود في بحر فارس وبحر الهند. وكذلك أيضا في بحر الصين. وكيفيته : أنه إذا بلغ القمر مشرقا من مشارق البحر ، ابتدأ البحر بالمد ، ولا يزال كذلك إلى أن يصير القمر إلى وسط سماء ذلك الموضع ، فعند ذلك يبلغ المد منتهاه. فإذا انحط القمر من وسط ذلك الموضع ، جزر الماء ورجع إلى البحر. ولا يزال كذلك راجعا إلى أن يبلغ مغربه (١) ، فعند ذلك ينتهي الجزر منتهاه. فإذا زال القمر من مغرب ذلك الموضع ، ابتدأ المد هناك في المرة الثانية ، ولا يزال زائدا إلى أن يصل القمر إلى وتد الأرض ، فحينئذ ينتهي المد منتهاه في المرة الثانية. ثم يبتدئ الجزر ثانيا ويرجع الماء إلى البحر ، حتى يبلغ القمر أفق ذلك الموضع ، فتعود الحالة المذكورة مرة أخرى. ولأن الأرض مستديرة ، والبحر محيط بها على استدارتها ، والقمر يطلع [عليها (٢)] كلها في مقدار اليوم والليلة. فكلما تحرك القمر قوسا ، صار موضع القمر أفقا لموضع آخر ، من مواضع البحر. [وصار (٣)] ذلك الموضع وسط سماء لموضع آخر ومغربا لموضع آخر ، ووتد الأرض لموضع آخر. وفيما بين كل وتد من هذه الأوتاد ، تحصل أحوال اخرى. فلا جرم يحصل لأجل هذه الأسباب ، أحوال مختلفة مضطربة في البحر.
واعلم : أن سكان البحر كلما رأوا في البحر انتفاخا وهيجان رياح عاصفة ، وأمواج شديدة : علموا : أنه ابتدأ المد. وإذا ذهب الانتفاخ ، وقلت الأمواج والرياح : علموا : أنه وقت الجزر. وأما أصحاب الشطوط والسواحل ، فإنهم يجدون عندهم في وقت المد للماء : حركة من أسفله إلى أعلاه. فإذا رجع الماء ، ونزل فهناك وقت الجزر.
النوع الثاني من آثار القمر : إن [أبدان (٤)] الحيوانات في وقت زيادة ضوء القمر ، تكون أقوى وأسخن ، وبعد الامتلاء تكون أضعف [وأبرد (٥)]
__________________
(١) مبلغة (ت)
(٢) من (ت)
(٣) من (ت)
(٤) من (س)
(٥) من (س)