السكون. فالمحيط له الحركة ، والمركز له السكون. وكل ما كان أقرب إلى المحيط ، كان أسرع حركة. وكل ما كان أقرب إلى المركز ، كان أبطأ ، حتى انتهى الأمر إلى غاية السكون. فهذا أمر معقول مناسب.
والثاني : إن فلك الثوابت حال حركتها بطبعه إلى المشرق ، هل يتحرك بتحويل الفلك الأعظم إلى المغرب؟ أو يقال : إنه في أحد الزمانين يتحرك بطبعه إلى أحد الجانبين ، وفي الزمان الثاني يتحرك بالقسر إلى الجانب الثاني ، فلا تحصل الحركتان معا ، في ذلك الجسم؟ والأول باطل. لأنه إذا تحرك بطبعه إلى هذا الجانب ، فقد حصل في هذا الجانب. وإذا تحرك بسبب القسر إلى ذلك الجانب ، فقد حصل في ذلك الجانب. فلو اجتمع هاتان الحركتان ، لزم حصول الجسم الواحد دفعة واحدة في مكانين ، وذلك محال. والعلم بامتناعه بديهي. سواء قلنا : إنه حصلت الحركتان طبيعيتين أو قسريتين ، أو إحداهما طبيعية ، والأخرى قسرية.
وأما القسم الثاني : وهو أن يقال : إنه يحصل إحدى الحركتين في زمان ، والحركة الثانية في زمان آخر ، فحينئذ يلزم انقطاع الحركات الفلكية وعدم بقائها. وذلك محال. وهؤلاء الناس رجحوا هذا القول على القول الأول بهذين الوجهين. وأما أصحاب القول الأول ، فقالوا : لو كان الأمر على هذا التقدير ، فحينئذ قد دارت الشمس دورة واحدة بالتمام في اليوم الواحد ، وإنما حصول التخلف بمقدار وسط الشمس ، ولو كان الأمر كذلك ، لوجب أن تتخلف أحوال الأظلال ، كما تتخلف عند كون الشمس في أول السرطان ، وفي أول الجدى. وحيث لم يكن الأمر كذلك ، علمنا هذا القول.
واعلم : أن العجائب حكمة الله [تعالى (١)] في تخليق السموات والكواكب ، لا تصير معلولة ، إلا عند معرفة الأفلاك والكواكب بالتمام. ولما كان ذلك [الأمر (٢)] كالمعتذر ، لا جرم كانت معرفة القليل من أحوال الأفلاك والكواكب : كثيرة بالنسبة إلى العقول البشرية [والله أعلم (٣)]
__________________
(١) من (ت)
(٣) من (ت)
(٢) من (ت)