حركاته ، ومعرفة أفلاكه ، فلما لم يتفق لهم الغلط البتة في هذا المقام الصعب ، فكيف يتفق لهم الغلط في حركات الكواكب الثابتة ، مع عظم أجرامها ، وقوة أنوارها؟ بل السبب في حصول هذا التفاوت : أنه حصل فوق كرة الثوابت وتحت الفلك الأعظم : كرة أخرى ، وقطب فلك الثوابت منطبق على نقطة من تلك الكرة التي ذكرناها انطباقا ، ليلزم من حركة هذه الكرات : وصول قطب فلك الثوابت إلى حيث يصير منطبقا على (١) قطب الفلك الأعظم ، فلأجل هذه الحالة ، يصير مقدار الميل الأعظم متناقضا أبدا ، وتصير حركات الثوابت أسرع في النظر والحس.
والقول الثاني : إن الحركات الفلكية كلها آخذة من المشرق إلى المغرب. وأسرعها هو الفلك الأعظم ، ويليه في السرعة حركة فلك الثوابت. فإنا إذا فرضنا أن الفلك الأعظم ، وفلك الثوابت أخذا في الحركة من نقطة معينة ، فإذا وصل الفلك الأعظم في اليوم الثاني [إلى (٢)] عين تلك النقطة ، فإن فلك الثوابت لا يصل في ذلك المقدار إلى عين تلك النقطة بل يتخلف عنها بشيء قليل. فإذا اجتمعت تلك المقادير ، وقع في الحس ، كأن الكواكب الثابتة تتحرك من المغرب إلى المشرق ، وليس الأمر كذلك. وإنما وقع الأمر على هذا الوجه في الحس ، للسبب الذي ذكرناه. وأصحاب هذا القول ، قالوا : إن هذا القول ، قالوا : إن هذا القول أولى من القول [الأول (٣)] ويدل عليه وجهان :
الأول : إن هذا القول أقرب إلى العقل. فإن المحيط الأصلي هو الفلك الأعظم. فأسرع الحركات له. ثم الذي يليه أبطأ منه ، وأسرع داخله. وعلى هذا التقدير فأبطأ الحركات الفلكية : فلك القمر ، وبعده كرة النار ، ثم كرة الهواء. وأما حركات الماء والبحر (٤) ففي غاية البطء ، وأما الأرض ففي غاية
__________________
(١) على القطب الأعظم (ت)
(٢) من (ت)
(٣) من (ط ، س)
(٤) والشجر (ت)