عليه في بعض الأوقات [أنه ممتنع الوجود لذاته ، لصدق عليه الحكم في كل الأوقات (١) ولما كان التالي كاذبا ، كان المقدم أيضا كاذبا (٢). فإن قيل : هذا الكلام إنما يتم إذا قلنا : الماهيات مفتقرة حالتي الوجود والعدم ، حتى يقال : إن تلك الماهية لما اقتضت أمرا ، وجب بقاء [ذلك (٣) الاقتضاء أبدا. وهذا بناء على أن المعدوم شيء ، ونحن لا نقول به ، فلا يلزمنا هذا الكلام. فنقول : الجواب عنه من وجوه :
الأول : إن جميع العقلاء يقولون : الجمع بين الضدين ممتنع لعينه ولذاته ، فلا جرم وجب بقاء هذا الامتناع أبدا ، وأن كون الواحد ضعف الاثنين ممتنع لذاته ، فوجب بقاء هذا الامتناع أبدا. ثم إن أحدا من العقلاء لم يقل : إن الممتنعات أشياء في العدم ، بل هي عدمات محضة وسلوب صرفة ، وليس لها ماهيات ولا أعيان. فإذا عقل هذا ، فلم لا يعقل أيضا هاهنا أن نقول : لو صدق على العالم في وقت من الأوقات ، أنه ممتنع لعينه ولذاته ، لوجب أن يبقى هذا الامتناع أبدا ، وإن كنا لا نقول : بأن المعدوم شيء؟.
والوجه الثاني : إن وصف العدم بالامتناع والإمكان ، إنما يوجب [القول بأن (٤) المعدوم شيء ، لو ثبت أن الامتناع أو الإمكان وصفان وجوديان ، أما إذا كانا وصفين عدميين ، لم يلزم من إسنادهما إلى الماهية قبل وجودها ، كون تلك الماهية ذاتا وعينا بدليل : أن إسناد المحمولات العدمية إلى الموضوعات العدمية : غير ممتنع البتة أصلا.
الوجه الثالث : هب أن هذا السؤال يتوجه هاهنا ، إلا أنا نذكر ذلك الكلام في صورة لا يتوجه عليها ذلك السؤال. فنقول : لا شك أن قدرة الله [تعالى (٥)] لها صلاحية التأثير في إيجاد العالم. فهذه الصلاحية إما أن يكون لها
__________________
(١) سقط (ط ، س)
(٢) كذلك (ط ، س)
(٣) من (ط)
(٤) من (ط)
(٥) من (ت)