الأبدان ، [إلى هذه الأبدان (١)] وأوصل إليها أنواع العذاب ، مجازاة لها على ذنوبها السابقة، وهم أهل التناسخ. ومنهم من قال : إنها [حسنت (٢)] لأجل أعواض يوصلها إليهم في المدار الآخرة ، وهم المعتزلة. ثم هؤلاء. منهم من اكتفى من حسن الآلام بالعوض. ومنهم من قال : لا بد فيها من العوض ، ومن الاعتبار. أما العوض فيوجب خروج هذه المضار عن أن تكون ظلما ، وأما الاعتبار فيوجب خروجها عن أن تكون عبثا. وهذا قول المحققين منهم.
وأما القسم الرابع : وهم الذين أثبتوا للعالم فاعلا مختارا. وزعموا : أنه يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، وأنه لا يلتفت إلى مصالح المكلفين ، ولا إلى مفاسدهم. فهؤلاء هم المجبرة. وهم فريقان :
منهم : من فرع هذه القاعدة على إنكار التكليف وبعثة الأنبياء والرسل ، وأنكر الوعد والوعيد ، والحشر والنشر والقيامة.
وأما أرباب الملل والأديان من المجبرة : فقد أقروا بالتكليف والنبوة. فقد حصل لنا من هذا التقسيم في الفعل والفاعل : أنواع من المقالات :
فالأول : قول الدهرية القائلين بوجوب السموات في ذواتها وفي صفاتها.
والقول الثاني : قول «ديمقراطيس متحركة بذواتها.» الذي قال : أصل العالم أجزاء كرية صلبة
والقول الثالث : قول من يقول : إنه لا يمتنع في العقل حدوث الحوادث لا لمؤثر أصلا.
والقول الرابع : قول من أثبت لهذا العالم مؤثرا موجبا بالذات ، وزعم : أن الصادر الأول منه يجب أن يكون واحدا فقط.
والقول الخامس : قول من يقول : مؤثر العالم موجب بالذات ، إلا أنه علة لجميع الممكنات دفعة واحدة على الترتيب الممكن منها.
__________________
(١) من (ط).
(٢) من (ط).