محسنا إليهم. وأنه [تعالى (١)] لا يريد الإضرار والإيلام. ثم إن هؤلاء لما قرروا هذا المذهب ، ثم رأوا هذا العالم مملوءا من الآفات والأسقام والآلام ، والحرق والغرق ، والفقر والموت ، [والزمانة (٢)] والعمى والجنون. فعند هذا أرادوا أن يجمعوا بين ما اعتقدوا من كون الإله منزها عن الإيلام والإضرار والقسوة ، وبين ما شاهدوه من هذه الآفات والمحن. فلهذا السبب اضطربت العقول ، واختلفت الأقوال.
وضبط تلك المذاهب. أن يقال : من الناس من قال : إن هذه الآلام [والآفات (٣)] لم تحصل بخلق الله [تعالى (٤)] ومنهم من قال : إنما تحصل بخلق الله [تعالى (٥)]
أما الأولون : ففريقان : منهم من أثبت للعالم إلهين :
أحدهما : الإله المحسن الرحيم.
والثاني : الإله الشرير [المؤذي (٦)] الضار. وهم الثنوية.
ومنهم من لم يقل بذلك ، بل قال : النفس قديمة ، والهيولى قديمة. فاتفق للنفس التفات إلى الهيولى ، فعشقتها ، فحصل التركيب الذي يوجب الآلام. ثم إن الإله تعالى أوقع ذلك التركيب على الوجه الأصلح ، وكل ما حصل في العالم من الشرور والآفات ، فذاك بسبب أن الهيولى لا يقبل الصلاح ، وكل ما حصل من الرحمة والخير فذاك بسبب إحسان الله ورحمته.
وأما الذين قالوا : إن هذه الآلام حصلت بخلق الله تعالى. فهم فريقان : منهم من قال: إن هذه الآلام حسن خلقها من الله تعالى ، لأن هذه الأرواح كانت في أجساد أخرى فأذنبت وعصت ، فالله تعالى نقلها من تلك
__________________
(١) ٢.
(٤) من (ط).
(٢) من (ط).
(٥) من (ط).
(٣) من (ت).
(٦) من (ط).