والثاني : إن الأجسام متساوية في الجسمية. فلو كانت الجسمية علة للحركة ، لوجب أن يكون كل جسم متحركا بالذات.
والثالث : إن الجسمية لما كانت علة للحركة ، وجب أن تكون جميع حركات الأجسام إلى حيز واحد [فيلزم اجتماع الأجسام الكثيرة في الحيز الواحد (١)]
والرابع : إن الجسم قابل للحركة ، فيمتنع أن يكون مؤثرا فيها ، لأن الواحد بالنسبة [إلى الواحد (٢)] لا يكون قابلا وفاعلا معا.
الخامس : إن حركة الجسم ، موقوفة على حركة كل واحد من أجزائه. وما كان موقوفا على الغير ، لا يكون واجبا [بالذات (٣)]
فهذه هي الوجوه التي عولوا عليها في بيان أن الجسم يمتنع أن يكون متحركا لذاته (٤)
والوجه الثالث في إبطال هذا المذهب : إن هذه الأفلاك مع كونها موصوفة بأكمل الصفات ، وأحسن النعوت اللائقة بالأجسام ، يبعد في العقل حدوثها ووقوعها ، على سبيل الاتفاق. وأما المتكلمون فقد أبطلوا هذا القول أيضا بالبناء على حدوث الأجسام.
وأما المذهب الثالث وهو قول من يقول : الحوادث تحدث لا لمؤثر. فالكلام المستقصى فيه ، قد تقدم في مسألة إثبات [الصانع (٥)] واجب الوجود لذاته. وأيضا : فكل ما كان اتفاقيا ، فإنه لا يكون دائما ولا أكثريا. ونحن نشاهد أحوال العالم الأعلى والعالم الأسفل واقعة على ترتيب لازم ، ونظم غير
__________________
(١) من (ط)
(٢) من (ت)
(٣) من (ط)
(٤) بالذات (ط)
(٥) من (ت)