هذه الاعتبارات على الجهات الثلاث ، لزم أن يصدر عن الواحد أكثر من الواحد. بل نقول: لا شك أن جوهر الفلك قابل للقسمة الوهمية ، وسنبين في مسألة الجوهر الفرد ، بالدلائل القاهرة (١) أن كل ما يقبل القسمة المقدارية الوهمية ، فإن ذاته مؤلفة ومركبة من الأجزاء. وإذا كان الأمر كذلك كانت ذات الفلك الأعلى ، مركبة من أجزاء كثيرة ، لا يعلم عددها إلا الله. فكيف يمكن إسنادها إلى الجهة الواحدة؟ وأيضا : فإن أصحاب علم الأحكام اتفقوا على أن طبائع الروح مختلفة بحسب التأثيرات. واختلاف الآثار والألوان ، يدل على اختلاف الملزومات. فهذا يقتضي أن تكون طبائع البروج مختلفة في الماهيات. فإسنادها بأسرها إلى الجهة الواحدة ، يقتضي أن يصدر عن الواحد أكثر من الواحد (٢).
السؤال الخامس : هب أنكم اكتفيتم في الفلك الأقصى بتلك الاعتبارات الثلاث. فكيف قولكم في فلك الثوابت ، مع أنه حصلت الكواكب الكثيرة فيه ، وكل واحد منها مخالف للآخر في الطبيعة وفي اللون والمقدار؟ فعند هذا. قال : الشيخ الرئيس أبو علي : إنه لم يظهر لي أن فلك الثوابت كرة واحدة ، بل كرات متعددة (٣) ينظر بعضها إلى بعض ، فإنه بتقدير [أن تكون (٤)] تلك الكرة : كرات مختلفة. وتكون لكل واحدة من تلك الكرات : عقل ونفس على حدة. فحينئذ يندفع السؤال. إلا أنه يبقى الاعتراض من وجه آخر ، وهو أن يقال : هب أنه كرات كثيرة ، إلا أنه لا بد وأن يحصل في كل كرة : كوكب. ولا شك أن جرم الكوكب ، ممتاز عن جرم الفلك. وحينئذ يحصل الإلزام فيه.
السؤال السادس : ألستم قلتم : إن العقل الفعال هو المدبر لما تحت فلك القمر؟ فقد حكمتم بأنه هو العلة لوجود كل ما يحدث في هذا العالم من الصور
__________________
(١) القاهرة. فإن يقبل القسمة المقدار الوهمية (ت).
(٢) واحد (ط).
(٣) أو كرات ينظر بعضها (ت) بل كرات متعددة بعضها (ط).
(٤) من (ط ، س).