كذلك ، كان محتاجا في لوازم ذاته إلى الغير ، وكل من كان كذلك ، كان ممكنا لذاته. وهذا على واجب الوجود : محال. وأيضا : فإن هذا الشيء لا يكون مبدأ أولا ، بل هو يفتقر إلى مبدأ آخر. فيثبت : أن واجب الوجود لذاته ، يجب أن يكون صانعا بالفعل أبدا. ومتى (١) كان الأمر كذلك ، كان الصانع موجودا أبدا ، ضرورة أن المضافين لا بد وأن يوجدا معا [والله أعلم (٢)]
الحجة الثانية للقوم : قالوا : المفهوم من كون واجب الوجود لذاته مبدأ لغيره ، أمر مغاير لذات [واجب الوجود ، ولذات (٣)] العالم ، ومتى كان الأمر كذلك ، لزم دوام الأثر بدوام المؤثر. بيان المقام الأول من وجوه :
الأول : إنه يمكننا أن نعقل ذات واجب الوجود ، وأن نعقل ذات العالم ، مع الشك في أن ذات واجب الوجود مؤثر في العالم ، ومع الشك في أن ذات العالم أثر لواجب الوجود ، والمعلوم (٤) مغاير لما هو غير معلوم ، فمؤثرية واجب الوجود في العالم يجب أن يكون زائدا على ذات واجب الوجود ، وعلى ذات العالم.
الثاني : إن كون إحدى الذاتين مؤثرة في الأخرى نسبة بين الذاتين. والنسبة بين الشيئين موقوفة عليهما ، والموقوف على الشيء ، مغاير له. فهذه المؤثرية والأثرية وصفان مغايران للذات.
الثالث : إنا نصف ذات واجب الوجود ، بأنها مؤثرة في وجود العالم ، والمحكوم به لا بد وأن يكون مغايرا للمحكوم عليه. فالمؤثرية صفة زائدة على ذات واجب الوجود.
__________________
(١) وإذا (ط)
(٢) من (ت)
(٣) من (ط ، س)
(٤) المعلول (ت)