قبله ، إذ لو كان من قبله ، لعاد السؤال [الأول (١)] فيه. وهو أنه لم غيره في هذا الوقت دون ما قبله وما بعده؟ وأما إذا كان [ذلك (٢)] التغير ليس من قبله ، صح ذلك. مثل : [أنه (٣)] لما انتهى النهار إلى آخره ، قام الرجل من مكانه ، وذهب إلى الدار ، ولما قرب هجوم الشتاء أقدم الرجل على تحصيل مهمات الشتاء ، فيثبت بما ذكرنا : أن كل ما كان غير فاعل لم يزل ، فإنه يصير فاعلا إلا لتغير حصل ، لا من قبله. وهذا في حق الفاعل الأول محال. لأن جميع التغيرات إنما حصل بتكوينه وإيجاده ، فامتنع أن يكون تغيره من ترك الفعل إلى تحصيل الفعل ، لأجل تغير وقع لا من جهته ، فلو كان غير فاعل في الأزل ، وجب أن لا يصير فاعلا في لا يزال [وحيث صار فاعلا في لا يزال (٤)] علمنا : أنه كان أيضا فاعلا في الأزل ، ولا يقال : الغرض من الإيجاد : إيصال النفع إلى الخلق ، لأن هذا الغرض كان مطلوبا قبل ذلك. فلم لم يشرع في الفعل ، قبل ذلك؟ ولا يقال : ذلك الوقت إنما اختص بالإحداث ، لأنه أصلح للمكلفين ، أو لأنه تعين بسبب الإرادة (٥) لأنا نقول : ذلك الوقت الذي هو أصلح لإحداث العالم من سائر الأوقات ، إما أن يحدث بإحداث الله [تعالى (٦)] أو لا بإحداثه. فإن حدث بإحداث الله تعالى ، عاد السؤال في أنه : لم فعله ، ولم يفعل غيره؟ وإن كان لا بإحداث الله تعالى ، فهذا قول بأنه قبل إحداث الله [تعالى (٧)] العالم ، كانت الأوقات موجودة ، والتغيرات حاصلة ، فيصير إحداث الله العالم في ذلك الوقت ، جاريا مجرى ما إذا قصد الواحد منا ، إلى السفر حال اعتدال الحر والبرد ، فإنه كان الداعي [له (٨)] إلى تحصيل الربح موجودا قبل ذلك ، إلا أنه كان ينتظر حضور الوقت
__________________
(١) من (ت)
(٢) من (ط ، س)
(٣) من (ط ، س)
(٤) سقط (ط)
(٥) لأنه تغير بالإرادة (ت)
(٦) من (ط ، س)
(٧) من (ت)
(٨) من (ط ، س)