لها. ممكنة بحسب الآحاد ، وبحسب الاجتماع. ثم زعمتم : أن خروجها بأسرها إلى الوجود : ممتنع. فيلزمكم : أن تجمعوا بين النقيضين في الصحة. ومعلوم أن ذلك أعظم في الاستبعاد من التزام وقوع التفكك في حجر الرحى.
وخامسها : إنكم قلتم : «الواقف على طرف العالم لا يميز بين الجانب الذي يحاذي وجهه. وبين الجانب الذي يحاذي قفاه» فإذا قيل لكم : إن هذا مما لا يقبله العقل. أجبتم عنه : بأن هذه النفرة والإنكار من عمل الوهم والخيال. ولما ساقنا الدليل الدال على تناهي الأبعاد إلى التزام ذلك ، فنحن نلتزمه ولا نبالي به. فإن مقتضى الدليل العقلي ، أولى بالقبول من مقتضى الوهم والخيال.
وسادسها : إنكم لما أوجبتم حصول السكون من الحركة الصاعدة والهابطة للحجر ، التزمتم أن تكون الخردلة الصاعدة سببا لتوقيف الجبل العظيم النازل في الجو. وقلتم : إن هذا وإن كان مستبعدا ، إلا أنه لما ساقنا الدليل [إليه (١)] وجب التزامه.
وسابعها : إنه لما كان مذهبكم : أن الجسم متصل واحد في نفسه ، وليس مركبا من الأجزاء سواء قيل : إنها متناهية أو غير متناهية. لزمكم أيضا : أن تقولوا : إن الزمان ليس مركبا من الآنات المتتالية. سواء قيل : إنها متناهية ، أو غير متناهية. بل قلتم : الزمان كمّ متصل. وهو متصل واحد ، قابل للقسمة إلى غير النهاية ، فإذا قيل لكم : الزمان عبارة عن الماضي وعن المستقبل. وهما معدومان. وأما الآن فهو طرف الزمان. وهو طرف به يتصل الماضي بالمستقبل. فإن قيل لكم : لما كان الماضي والمستقبل معدومين. فلو جعلنا الآن سببا لاتصال أحدهما بالآخر ، لزمنا أن نقول : إن أحد المعدومين متصل بالمعدوم الآخر ، بطرف موجود. وذلك باطل. لأن المعدوم نفي محض ، وعدم صرف. فكيف يعقل فيه الاتصال والانفصال؟ ومعلوم : أن التزام هذا المحال ، أبعد من تفكك الحجر.
__________________
(١) من (ط).