ثم نقول : الجواب عنه : إن كل واحدة منهما مقوم لماهية الجسم ، من حيث إنه شيء له حجم ومقدار وأما إذا اعتبرناه من حيث إنه شيء مغاير للجزء الآخر ، فهو بهذا الاعتبار ليس مقوما لماهية الجسم ، ولا يمتنع في العقل أن يكون شيء له اعتباران. وهو بأحد الاعتبارين مقوم لماهية الشيء ، وبالاعتبار الثاني لا يكون مقوما لتلك الماهية. وإذا ثبت هذا ، فنقول : إذا اعتقدنا في جسم : كونه جسما. فنحن نعرف أنه جسم من أوله إلى آخره. فأما الأجزاء الحاصلة فيه : مائة ، أو مائتا ألف. فهذا الاعتبار غير داخل في تقويم ماهية الجسم. فلا يجب من العلم بماهية الجسم : العلم بكمية هذا العدد.
والجواب عن الحجة الثانية : إن كل واحد من الأجزاء وإن لم يكن في نفسه طويلا إلا أنه إذا انضم إليه غيره ، صار طويلا. كما أن كل واحد من حبات الحنطة وإن لم يكن في نفسه منا واحدا إلا أن مجموعها يصير منّا. فكذلك هاهنا. والله أعلم.