وأما الحجة الثالثة : وهي قولهم : «شكل البسيط يجب أن يكون هو الكرة» فنقول : هذه الحجة منقوضة بأشياء.
أولها : إن الفلك الممثل ، إذا انفصل عنه فلك خارج المركز ، فإنه ينفصل من الفلك الممثل : متممان.
أحدهما : من خارج الفلك الخارج المركز. والثاني : في داخله. ومعلوم أن طبيعة كل واحد من هذين المتممين : طبيعة بسيطة مع أنه في أحد الجانبين في غاية الثخن ، ومن الجانب الثاني [في (١)] غاية الرقة. فههنا البسيطة اقتضت أثرا غير متشابه في كل الجوانب.
وثانيها : إن الفلك جرم بسيط. ثم إن الكوكب وقع في بعض جوانبه دون البعض. فالطبيعة بسيطة ، والأثر غير متشابه.
وثالثها : إن الفلك [طبيعة (٢)] بسيطة. مع أن تلك الطبيعة ، اقتضت (٣) حصول الشكل المقبب في الخارج ، وحصول الشكل المقعر في الداخل. وهما أثران مختلفان. وأيضا : السطح الخارج يكون أعظم مقدارا من السطح الداخل. فالبسيطة واحدة ، والآثار مختلفة.
ورابعها : إن الأجسام إما أن تكون بسيطة أو مركبة. أما البسائط فإن جزءها يكون مساويا لكلها ، في تمام الماهية. فلو كانت تلك الطبيعة موجبة للشكل الكروي (٤) ، لزم أن يكون شكل كل واحد من الأجزاء المفترضة فيه ، هو الكرة. ولو كان الأمر كذلك ، لزم وقوع الخرق في جميع الأجسام المحسوسة.
لا يقال : الجسم شيء واحد في نفسه. فطبيعته اقتضت حصول الشكل الكروي لذلك المجموع. وأما الجزء فإنما افترض بعد ذلك ، وحصول
__________________
(١) من (ط).
(٢) من (ط).
(٣) اقتضته (م).
(٤) الكرف (م).