الشكل لذلك الكل أولا ، صار مانعا لحصوله للجزء الذي افترض بعد ذلك الكل. لأنا نقول : هذا بناء على أن الجسم البسيط شيء واحد في نفسه. وإنما يفترض الجزء فيه ، بسبب منفصل غريب. لكنا قد بينا بالدلائل اليقينية : فساد هذا الأصل.
سلمنا : صحة هذا الأصل. إلا أنا نقول : إنا إذا أشرنا إلى جانب معين من الفلك ، أو من سائر الأجسام البسيطة. فقد تميز ذلك الجزء عن سائر الجوانب. وطبيعة ذلك الجزء توجب الشكل الكروي. إلا أن طبيعته أيضا توجب اتصال ذلك الجزء ، بسائر الأجزاء (١) وذلك الاتصال مانع من حصول الشكل الكروي. وحينئذ يلزم أن تكون الطبيعة الواحدة موجبة أثرين متضادين. وذلك باطل.
وأما الأجسام المركبة في عالمنا هذا. فنقول : إذا كان المركب موجودا ، كانت البسائط موجودة. إلا أن تلك البسائط تكون صغيرة جدا ، ويكون بعضها مختلطا بالبعض. إلا أن كونها صغيرة ومخلوطة بغيرها ، لا يمنع من كونها موصوفة بتلك الطبيعة البسيطة. فلو اقتضت الطبيعة البسيطة ، حصول شكل الكرة ، لزم أن يكون كل واحد من تلك الأجزاء المخلوطة الصغيرة ، موصوفا بشكل الكرة. ولو كان الأمر كذلك ، لزم وقوع الفرج والخلاء فيما بينها. وذلك عند القوم باطل.
فثبت بهذه الوجوه : أن الذي يقال : إن شكل البسيط هو الكرة : كلام إقناعي ، ولم تثبت صحته بالدلائل اليقينية.
وهاهنا سؤالات أخر. إلا أن فيما ذكرناه : كفاية.
ثم نقول : إن سلمنا إمكان القول بالكرة. فلم قلتم : «إن قطع الكرة ، بحيث يكون موضع القطع خاليا عن الخشونات والتضريسات : أمر ممكن؟ فإن صحة هذه القضية. لما لم تكن بديهية ، كان الجزم بصحتها من غير
__________________
(١) الأجسام (م).