يتصور العمق والثخن. فإنه لا يمكنه البتة تصور كيفية حصول هذه الزوايا الثلاثة المتقاطعة على القوائم. فيثبت : أن تصور هذه الخاصية مشروط بسبق تصور ماهية الجسم. فلو عرفنا ماهية الجسم بهذه الخاصية لزم تعريف الشيء بما لا يعرف إلا به. وذلك باطل ، ومنهي عنه في المنطق.
الخامس : إن بتقدير أن يكون الحق هو أن الجسم مركب من الأجزاء التي لا تتجزأ ، كان الطول عبارة عن تلك الأجزاء المتألفة (١) في سمت واحد ، والسطح عبارة عن تلك الأجزاء المتألفة في سمت الطول والعرض معا. وعلى هذا التقدير فالطول والعرض والعمق : ذوات قائمة بأنفسها ، لا صفات قائمة بالغير. فيمتنع الحكم بكونها أمورا مقبولة (٢) لقابل ، ونعوتا لذات أخرى. فيثبت بهذه الوجوه : أن هذا التعريف باطل. وإنما الصواب أن يقال : الجسم عبارة عن هذا الحجم ، وعن هذا الثخن. ثم يقال : من خواص هذه الذوات أنه يمكن أن يحصل فيها زوايا (٣) ثلاثة قائمة متقاطعة على نقطة واحدة. فجعل هذه الصفة خاصية من خواص الجسم : جائز. أما جعلها معرفة لماهيته ، فذلك باطل على ما قررناه.
__________________
(١) المبالغة (م).
(٢) مقبول لقائل ويوقا (م)
(٣) زوايا متقاطعة واحدة (م).