الأول : وهو الذي لخصناه للقوم. أن نقول : إن عند الانفصال يعدم الجسم الأول ، ويحدث جسمان آخران. وعلى هذا التقدير ، فالجسمية يصح عليها أن تعدم بعد الوجود ، وأن توجد بعد العدم. وكل ما كان كذلك ، فلا بد له من مادة.
[أما (١)] المقدمة الأولى : فالدليل على صحتها : أن الجسم البسيط كان قبل القسمة شيئا واحدا في نفسه ، ثم بعد القسمة حصل جسمان ، فهذان الجسمان الحادثان بعد القسمة. إما أن يقال : إنهما كانا موجودين قبل القسمة ، أو ما كانا موجودين قبل القسمة. والأول باطل. لأن هذين الجسمين ، لو كانا حاصلين قبل القسمة ، لكان ذلك الجسم مركبا عنهما ، فحينئذ لا يكون ذلك الجسم قبل ورود التقسيم عليه واحدا. لكنا فرضناه واحدا. هذا خلف. وأما القسم الثاني : هو أن يقال : هذان الجسمان ، إنما حصلا بعد القسمة ، وما كانا موجودين قبل القسمة. فهذا يقتضي أن يقال : إن ذلك الجسم الواحد ، الذي [كان (٢)] موجودا قبل القسمة ، صار معدوما ، وحدث هذان الجسمان الحاصلان بعد القسمة.
فثبت : أن الجسم قد يوجد بعد العدم ، ويعدم بعد الوجود.
وأما بيان المقدمة الثانية : وهو أن كل [ما (٣)] صح عليه الزوال والحدوث ، فلا بد له من مادة. فالدليل عليه : إن كل محدث ، فهو قبل حدوثه مسبوقة بإمكان الحدوث. وذلك الإمكان لا بد له من محل. وهو الهيولى. وتقرير هذه المقدمة : قد ذكرناه في كتاب «القدم والحدوث» في باب : أن كل محدث فلا بد له من مادة.
وهذا غاية الكلام في تقرير هذا الوجه.
ولقائل أن يقول : قد ذكرنا : أن القول بأن التفريق إعدام للجسم
__________________
(١) زيادة.
(٢) زيادة.
(٣) زيادة.