ظلم الأرحام. وأسألك بحق ما علمت وما لم أعلم ، وما وصل إليه خاطري وما لم يصل.
وأسألك بحق ملكوتك التي لا يعلمها إلا أنت ، وجبروتك التي لا يحيط بها إلا أنت. وأسألك بحق ما سألك به عبد فأجبته ، ودعاك مسكين فقضيت حاجته : أن تجيب دعائي، وأن لا تخيب رجائي. وأن تخلصني من ظلمات الأخلاق الذميمة ، والعقائد الذميمة. وتسهل علي خيرات الدنيا والآخرة. مع السهولة واليسر ، وإزالة موجبات العسر. إنك أرحم الراحمين ، وأكرم الأكرمين. وأقول : شهد لك إشراق (١) العرش ، وضوء الكرسي. ومعارج السموات ، وأنوار الثوابت في السيارات على منابرها المتوغلة في العلو الأعلى ، ومعارجها المقدسة عن غبار عالم الكون والفساد. بأن أول الحق الأزلي ، لا يناسبه شيء من علائق العقول ، ومشابه الخواطر ، ومناسبات الأفكار. فالقمر بمحوه ، مقر بالنقصان ، والشمس بتغير أحواله محتاج إلى تدبير الرحمن. والطبائع مقهورة تحت قدرته القاهرة ، ممحورة في عتاب المعارج العالية. فالمتغيرات تشهد بعدم تغيره ، والمتعاقبات بدوام سر مديته. فأزله مبرأ عن الانقضاء ، ودوامه منزه عن المجيء والفناء. وكل ما صدق عليه : أنه مضى وسيجيء ، فهو خالقه ، وأعلى منه. فبجوده حصل الجود والإيجاد ، وبأعلامه الفناء والفساد. وكل ما سواه فهو تائه في جبرته ، ثابر عند طلوع نور كبريائه. وليس عند عقول الخلق ، إلا أنه شيء ، بخلاف كل الخلق. له القدس والجبروت ، والعزة والملكوت. وهو الحي الذي لا يموت.
[تم هذا الكتاب النفيس الشريف العالي ، لمصنفه ـ رحمهالله عليه ـ يوم الاثنين الثاني عشر من جمادي الآخرة ، لسنة خمس وستمائة (٢)]
والحمد لله كما هو أهله (٣) والصلاة على خير خلقه من الأنبياء والمرسلين ، وخصوصا محمد ، وآله ، أجمعين.
__________________
(١) سرادق (م).
(٢) من (ط).
(٣) هو له (ط).