لكون الشيئين متماسين ، إلا حصولهما في حيزين ، بحيث لا يحصل بينهما حيز فارغ ، ولا شيء آخر. وأما ما سوى هذا المعنى في المماسة والملاقاة. فكل ذلك من الأمور الوهمية ، والقضايا الظنية. وقد ثبت : أنه لما قامت الدلائل القاطعة الموجبة لنفيها ، وجب أن لا يلتفت إلى حكم الظن والخيال. وذكرنا لهذا المعنى أمثلة كثيرة من مباحث الفلاسفة. فكذا هاهنا الدلائل التي ذكرناها في إثبات الجوهر الفرد : دلائل قاطعة غير محتملة البتة. وهذه الدلائل الهندسية المذكورة ، لما كانت مبنية على هذين الأصلين. أعني إثبات الدائرة وإثبات التطبيق ، وكان الطعن فيهما ، وإن كان بعيدا عن الوهم في الجملة : محتمل احتمالا بعيدا ، وجب المصير إليه ، صونا لتلك الدلائل القاطعة عن القدح والطعن.
فهذا منتهى ما وصل إليه بحثنا في هذا. والله أعلم.
* * *
[إلهي] أسألك بحق ما لاح من لمعان إحسانك في مقامات الكرسي ، وأسألك بحق الأنوار التي أودعتها في سر قلب النجم الثاقب ، وأسألك بحق النور الذي أجريته في بحور الغياهب. وأسألك بالألطاف [التي (١)] خصصت بها صاحب السلسبيل والزنجبيل ، وبحق الكرامات التي خصصت بها عبدك الكامل الجليل. وأسألك بحق صاحب السعادة الجسمانية، وصاحب الكمالات الروحانية ، وأسألك بحق عبدك في مفاوز عبوديتك ، السابح في بحار تعظيم ربوبيتك. وأسألك بحق الأرواح الطاهرة المقدسة ، الساكنة في كوة الأثير ، وفي منازل الزمهرير. وأسألك [بحق (٢)] كل ملك وروح ، سلطنته في تلال الجبال ، ومنازل الظلمات ، والإظلال. وفي شق الصخور ، وقعور البحور ، وعند ظهور النور ، وتبدل الشرور بالسرور. وبث الظلام ، وتربية الأجنة في
__________________
(١) من (ط).
(٢) من (ط).