الانقسامات الحاصلة بحسب الوهم ، وبحسب الفرض ، فالفلاسفة اتفقوا على أنها غير متناهية. وذلك لأن الجسم لا ينتهي في الصغر إلى حد ، إلا ويتميز أحد جانبيه عن [الآخر (١)].
وأما النوع الثاني : وهو الانقسامات الحاصلة بسبب القطع والافتراق. فالفلاسفة قد اختلفوا في أنها متناهية أو غير متناهية. أما «أرسطاطاليس» وأصحابه المتقدمون والمتأخرون ك «أبي نصر الفارابي» و «أبي علي بن سينا» [فقد اتفقوا (٢)] على أن قبول هذا النوع من القسمة حاصل إلى غير النهاية.
قالوا : وتقريره : إن كل واحد من تلك الأجزاء. إما أن يكون مركبا أو بسيطا. فإن كان مركبا ، فهو قابل للانحلال والتفرق. وإن كان بسيطا ، كانت الأجزاء المفترضة فيه بحسب الوهم متشابهة ، فكما صح على الجزءين أن يتباينا ، مباينة رافعة للاتصال الحقيقي (٣)] وإذا كان كذلك ، وجب القطع بأنه لا نهاية لقبول الانقسامات الحاصلة ، بسبب التفكك والتفرق.
وقول قوم عظيم من [قدماء (٤)] الفلاسفة : إن الانقسامات الحاصلة بالوهم والفرض ، وإن كانت غير متناهية ؛ إلا أن الانقسامات الحاصلة بسبب التفرق والتباعد متناهية. فهذه الأجسام المحسوسة مؤلفة ومركبة من أجزاء أصلية قابلة للقسمة [الوهمية ، وغير قابلة للقسمة الانفكاكية. فهذه الأجسام المحسوسة لما كانت قابلة للقسمة (٥)] الانفكاكية ، كان إحداث القسمة فيها عبارة عن تبعيد المتجاورين. وأما كل واحد من تلك الأجزاء ، فإن أحد نصفيه متصل في النصف الآخر منه ، اتصالا حقيقيا. فلا جرم يمتنع ورود القسمة عليه. وهذا قول «ديمقراطيس» وقوم آخرون.
__________________
(١) الثاني (ط).
(٢) من (م).
(٣) من (م).
(٤) من (ط).
(٥) من (ط).