لا ينتهي في الصغر إلى حد ، إلا وهو بعد ذلك يقبل الانقسام. وهذا لا يقتضي أن تكون كل تلك التقسيمات ممكنة الحصول.
كما أن المتكلمين. لما قالوا : إنه تعالى قادر على ما لا نهاية له من المقدورات : لم يريدوا به : أنه تعالى يقدر على خلق ما لا نهاية له من المقدورات ، بل أرادوا به : أنه تعالى لا ينتهي في تخليق الممكنات إلى حد ، إلا ويمكنه الإيجاد والتخليق بعد ذلك. بمعنى : أنه يمكنه الإيجاد بعد الإيجاد ، والتكوين بعد التكوين. مع أن كل ما يخرج منها إلى الفعل ، فهو متناه. فكذا هاهنا.
وأيضا فكل واحد من مراتب الأعداد ، ممكن الحصول. ومجموع المراتب التي لا نهاية لها ، ليست ممكنة الحصول. فلم لا يجوز أن يكون هاهنا كذلك؟
السؤال الثاني : هب أن ما ذكرتم لازم على «أرسطاطاليس» وعلى «أبي علي بن سينا» حيث قالا : «إن القسمة الانفكاكية ، ممكنة الحصول ، إلى غير النهاية» إلا أنه غير لازم على «ديمقراطيس» وشيعته. فإنهم قالوا : «هذه الأجسام المحسوسة ، ينتهي تحليل تركيبها ، إلى أجزاء أصلية ، قابلة للقسمة الوهمية ، إلى غير النهاية وليست قابلة للقسمة الانفكاكية» وبهذا التقدير فإنه يندفع المحذور المذكور.
والجواب : أن نقول : نحن ما بنينا دليلنا على كلامهم. بل نقول : لما كان كل واحد من [تلك (١)] الانقسامات التي لا نهاية لها ممكنا. ولم يكن وجود بعضها مانعا (٢) من الباقي ، وجب أن يكون مجموعها على صفة الاجتماع ممكنا. وحينئذ يلزم المحذور المذكور. فالفلاسفة سواء قالوا به ، أو لم يقولوا به ، فالإلزام وارد عليهم ، ورودا لا محيص لهم عنه. وأما كونه تعالى قادرا على
__________________
(١) من (م).
(٢) ممكنا (ط).