باطلا ، علمنا : أن التفريق عبارة عن تبعيد المتجاورين. وذلك يوجب الجزم بأن الجسم لو كان قابلا لانقسامات لا نهاية لها ، لوجب كونه مركبا من أجزاء لا نهاية لها بالفعل.
الحجة السادسة : كل جسم فإنه لا بد وأن يماس أو يحاذي بأحد طرفيه شيئا ، أو يماس أو يحاذي بطرفه الثاني شيئا آخر. وهذا الاختلاف الحاصل بسبب الملاقاة والمحاذاة ، يوجب حصول الانقسام بالفعل. ثم نقول : إن أحد قسميه يلاقي القسم الثاني بأحد وجهيه دون الثاني [فوجب (١)] أن ينقسم كل واحد من هذين القسمين. ثم الكلام في نصف النصف كما في الأول. فإن كان قبول القسمة حاصلا إلى غير النهاية وكان المقتضى لقبول الانقسام بالفعل ، حاصلا إلى غير النهاية. فحينئذ يلزم حصول الانقسامات التي لا نهاية لها بالفعل. فإن قالوا : الجسم إذا لقي بأحد طرفيه شيئا ، وبطرفه الثاني شيئا آخر ، فاختلاف الملاقين يقتضي تغاير الطرفين بالفعل ، فلا جرم قلنا : إن أحد السطحين يغاير السطح الآخر. لكن لم قلتم : إن هذا المعنى يوجب وقوع الانقسام في ذات الجسم؟ ونقول في الجواب : هذان السطحان. إن كانا جزءين من ماهية الجسم ، لزم من تغايرهما ، وقوع القسمة في ذات الجسم. وإن كانا عرضين حالين فيه ، أوجب تغايرهما حصول التغاير بين كليهما. ولا يمكن حلول كل عرض في عرض آخر ، إلى غير النهاية ، بل يجب الانتهاء إلى الذات. وذلك يوجب وقوع القسمة في الذات. وحينئذ يحصل المطلوب.
الحجة السابعة : إن الكرة إذا استدارت ، فقد حصلت منطقتها ، موجودة بالفعل. وحصل فيها نقطتان بالفعل. هما القطبان للكرة. ثم إنه يحصل بين المنطقة وبين القطبين ، مدارات كثيرة. وكل ما كان منها أقرب إلى المنطقة ، كان أوسع مدارا ، وأسرع حركة من الذي يكون أبعد منها. ولا شك أن قول تلك الحركة المختصة بذلك القدر المعين من السرعة والبطء ، مختص بذلك المقدار المعين ، وممتنع الحصول في سائر المدارات.
__________________
(١) سقط (ط).