بخلاف ظنونهما المعمولة في تعيين الطريق ، فانّها حاصلة من أمارات منضبطة غالبة المطابقة لم يدلّ دليل بالخصوص على عدم جواز العمل به.
______________________________________________________
الجمعة ، ومرّة إنّه الظهر ، وثالثة إنّه مخيّر بينهما ، وهكذا بين المقلّدين المختلفين من أول الفقه الى آخره.
الثالث : إنّ الشارع في نصب الطرق للقاضي في القضاء ، والحاكم في الحكومة لم يلاحظ الواقع بما هو واقع ، بل جعل المناط هو مؤديات الطرق المخصوصة حيث قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما أقضى بينكم بالبيّنات والأيمان» (١) ، الى غير ذلك ، ومقتضى ما جعله الشارع عند انسداد باب العلم بالطّرق : هو إعمال الظّنّ بالطرق دون الواقع ، بخلاف ما نحن فيه من أمر المجتهد.
ولا يخفى : إنّا ذكرنا في كتاب : «الفقه الحقوق» انّه هل العبرة بروح القانون أو جسم القانون إذا تخالفا؟ وانّه هل يلزم العمل حسب علم القاضي أو حسب الدليل إذا تخالفا؟.
وعليه : فظنون المقلّد والقاضي بالواقع ساقطة (بخلاف ظنونهما المعمولة في تعيين الطريق ، فانّها حاصلة من أمارات منضبطة غالبة المطابقة) و (لم يدلّ دليل بالخصوص على عدم جواز العمل به) أي : بتلك الظّنون ، وإنما جاء بضمير المفرد في : «به» باعتبار كل ظنّ ظنّ ، مثل قوله سبحانه : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) (٢) وقوله سبحانه : (لَمْ يَتَسَنَّهْ ...) (٣).
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٧ ص ٤١٤ ب ٢٩ ح ٦ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٢٢٩ ب ٢٢ ح ٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ٢٣٢ ب ٢ ح ٣٣٦٦٣.
(٢) ـ سورة التحريم : الآية ٤.
(٣) ـ سورة البقرة : الآية ٢٥٩.