والجواب : عن هذا الوجه أنّ أدلّة نفي العسر ، سيّما البالغ منه حدّ اختلال النظام ، والاضرار بامور المعاش والمعاد ، لا فرق فيها بين ما يكون بسبب يسند عرفا الى الشارع ، وهو
______________________________________________________
ثم لا يخفى : إنّ عسر الاجتهاد في زماننا ـ هذا ـ بخلاف الأزمنة السابقة كزمان شيخ الطائفة وابن ادريس ومن أشبههما ـ نشأ بسبب كثرة الاحتمالات التي أبداها الفقهاء في مختلف أبواب الفقه ، فهو مثل ما اذا كان كتاب الطب منحصرا في قانون ابن سينا فانّ الشخص كان يصير طبيبا بقراءته ، أما اذا جاء بعده مائة طبيب ، وكتب كلّ منهم كتابا فهل يعذر الطبيب في جهله اذا لم يقرأ الّا كتاب ابن سينا؟.
لا يقال : يكفينا الكتاب والسنّة ، فنرجع إليهما كما رجع شيخ الطائفة اليهما.
لأنّه يقال : لا حقّ لنا في الاكتفاء بالرجوع اليهما دون الرجوع الى اجتهادات أعاظم الفقهاء حولهما ، اذ لو فرض عدم توصل شيخ الطائفة الى الحكم بعد رجوعه اليهما ، كان معذورا عند العقل والعقلاء ، لأنّه لم يملك أكثر من ذلك ، بخلاف ما اذا جهلنا الحكم ، فالشارع الحكيم يقول لنا : أنت كنت تملك التوصل الى الحكم فلما ذا تركته؟.
وعليه : فمثل الاجتهاد اليوم مثل كلّ علم ينمو ، حيث المتأخر يملك أكثر ممّا يملك المتقدّم ، فلا يعذر المتأخر في جهله وتخطبه ، وإن كان المتقدّم يعذر في ذلك.
(والجواب عن هذا الوجه : إنّ أدلّة نفي العسر سيّما البالغ منه) أي : من العسر (حدّ اختلال النظام ، والاضرار بامور المعاش والمعاد) بأنّ يكون العسر والحرج شديدين ، فانّه (لا فرق فيها) أي : في أدلة نفي العسر (بين ما يكون بسبب يسند عرفا الى الشارع ، وهو) أن يكون الشارع بنفسه قد سبّب ذلك ، كما إذا جعل