فانّما هو مع مساواتهما من جميع الجهات ، فانّا لو فرضنا أنّ المقلّد يقدر على إعمال نظير الظنون التي يعملها لتعيين المجتهد في الأحكام الشرعيّة مع قدرة الفحص عمّا يعارضها على الوجه المعتبر في العمل بالظنّ ، لم يجب عليه العمل بالظنّ في تعيين المجتهد ، بل وجب عليه العمل بظنّه في تعيين الحكم الواقعيّ.
وكذا القاضي إذا شهد عنده عادل واحد بالحقّ لا يعمل به ،
______________________________________________________
المجتهد الذي انسدّ عليه باب العلم والعلميّ (فانّما هو مع مساواتهما من جميع الجهات) بأن تساوى العمل على الظّن بالواقع ، والعمل على الظّنّ بالطريق ، فلا فرق في وجوب إتيانه بصلاة الجمعة بين أن يظنّ بأنّ الجمعة واجبة ، أو يظنّ بأنّ خبر الواحد حجّة وقد قام الخبر الواحد على وجوب الجمعة.
(فانّا لو فرضنا : انّ المقلّد يقدر على إعمال نظير الظّنون التي يعملها لتعيين المجتهد) أي : يقدر عليها (في الأحكام الشّرعيّة مع قدرة الفحص عمّا يعارضها) أي : يعارض هذه الظّنون (على الوجه المعتبر في العمل بالظّن) لأنّ العمل بالظّنّ يحتاج الى الفحص حتى يظنّ بالواقع ، ثم الفحص عمّا يعارض هذا الظّنّ.
فان مثل هذا المقلّد (لم يجب عليه العمل بالظنّ في تعيين المجتهد) فقط (بل وجب عليه) وجوبا تخييريا (العمل بظنّه في تعيين الحكم الواقعيّ) فيكون مخيّرا بين أن يعمل بالظّنّ بالمجتهد ، أو بالظّنّ بالواقع.
(وكذا القاضي إذا اشهد عنده عادل واحد بالحقّ ، لا يعمل به) لأنّ العادل الواحد لا يثبت به الحق ، قال سبحانه : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) (١).
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ٢٨٢.