فالمكلّف به في الحقيقة مؤدّيات تلك الطرق ، لا الأحكام الواقعيّة من حيث هي.
وقد عرفت ممّا ذكرناه أنّ نصب هذه الطرق ليست إلّا لأجل كشفها الغالبيّ عن الواقع ومطابقتها له : فاذا دار الأمر بين إعمال الظنّ في تعيينها أو في تعيين الواقع ولم يكن رجحان للأول.
ثمّ إذا فرضنا أنّ نصبها ليس لمجرّد الكشف ، بل لأجل مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع ،
______________________________________________________
أحكامه بالطريق الذي هو خادمه ، فلا يريد أحكامه عن غير هذا الطريق.
وعليه : (فالمكلّف به في الحقيقة) ـ على قول الفصول ـ هو (مؤدّيات تلك الطرق ، لا الأحكام الواقعيّة من حيث هي) أحكام واقعية.
هذا (وقد عرفت ممّا ذكرناه) قبل صفحة تقريبا : عدم تماميّة كلام الفصول ، وذلك (انّ نصب هذه الطّرق ليست إلّا لأجل كشفها الغلبيّ عن الواقع ، ومطابقتها له) لا إنّ الطرق تقيد الأحكام الواقعيّة ، (فاذا دار الأمر بين إعمال الظنّ في تعيينها) أي : في تعيين الطرق (أو في تعيين الواقع ، ولم يكن رجحان للأوّل) أي : الظّنّ في تعيين الطرق ، على الثاني ، أي الظّنّ في تعيين الواقع.
ولهذا نرى : إنّه لا فرق بين الظّنّ بالطّرق أو الظّنّ بالواقع ، وإن أشرنا قبل نصف صفحة تقريبا الى انّ الظّاهر : انّ إعمالها في نفس الواقع أولى ، لاحراز المصلحة الأوليّة الّتي هي أحق بالمراعاة من مصلحة نصب الطّريق.
وعلى أي : حال : فان نصب الطرق إنّما هو لأجل الكشف الغالبي عن الواقع.
(ثم إذا فرضنا : إنّ نصبها ليس لمجرّد الكشف) عن الواقع (بل لأجل مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع) كالتسهيل في أصالة الطّهارة ، وما أشبه ذلك