ولأجل ما ذكرنا استمر بناء المسلمين في أوّل البعثة على الاستمرار على ما كانوا عليه حتى يطّلعوا على الخلاف.
إلّا أن يقال : إنّ ذلك كان قبل إكمال شريعتنا. وأمّا بعده فقد جاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بجميع ما يحتاج إليه الامة إلى يوم القيامة ، سواء خالف الشريعة السابقة أم وافقها ، فنحن مكلّفون بتحصيل ذلك الحكم موافقا أم مخالفا ، لأنّه مقتضى التديّن بهذا الدين.
______________________________________________________
(ولأجل ما ذكرنا) : من صحة استصحاب أحكام الشريعة السابقة إذا لم نعلم بنسخ تلك الأحكام التي نريد استصحابها نرى قد (استمر بناء المسلمين في أول البعثة) النبوية للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم (على الاستمرار على ما كانوا عليه) من أحكام الشرائع السابقة (حتى يطّلعوا على الخلاف) ويعلموا بنسخ تلك الأحكام.
(إلّا أن يقال : إنّ ذلك) الاستصحاب (كان قبل إكمال شريعتنا ، وأمّا بعده فقد) قال تعالى في كتابه الحكيم : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (١) وقد (جاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بجميع ما تحتاج إليه الامة إلى يوم القيامة ، سواء خالف الشريعة السابقة أم وافقها) حتى قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما من شيء يقرّبكم من الجنة ويباعدكم من النار إلّا وقد أمرتكم به ، وما من شيء يقرّبكم من النار ويباعدكم من الجنة إلّا وقد نهيتكم عنه (٢).
وعليه : (فنحن) بعد أن اكتمل الدين (مكلّفون بتحصيل ذلك الحكم) الذي قرّره الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (موافقا أم مخالفا) للشرائع السابقة (لأنّه مقتضى التديّن بهذا الدين) ومعه فلا مجال للاستصحاب.
__________________
(١) ـ سورة المائدة : الآية ٣.
(٢) ـ الكافي (اصول) : ج ٢ ص ٧٤ ح ٢ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ٤٥ ب ١٢ ، بحار الانوار : ج ٧٠ ص ٩٦ ب ٤٧ ح ٣ ونظيره في مستدرك الوسائل : ج ١٣ ص ٢٧ ب ١٠ ح ١٤٦٤٣.