وفيه : أنّه إن اريد ب «الذاتي» : المعنى الذي ينافيه النسخ ، وهو الذي أبطلوه بوقوع النسخ ،
______________________________________________________
في زمان موسى أو عيسى كان حسنا ، وكذلك بالنسبة إلى القبيح ، فلا يمكن ان نستصحب ما كان مأمورا به ولا ما كان منهيا عنه في السابق إلى الحال ، وذلك لاختلاف الفعل في الحسن والقبح ، باختلاف الأزمنة والأمكنة والشرائط والخصوصيات ، وهذه هي الصورة التي لا يجري فيها الاستصحاب.
هذا ، ولكن حيث ان القول بكون حسن الأشياء وقبحها ذاتيا يستلزم امتناع النسخ ، بينما وقوع النسخ ضروري ، فاللازم هو القول : بأن الحسن والقبح بالوجوه والاعتبارات ، وإذا كان بالوجوه والاعتبارات ، فلا يجري استصحاب أحكام الشريعة السابقة.
(وفيه : أنّه إن اريد ب «الذاتي» : المعنى الذي ينافيه النسخ) وهو ما كانت الطبيعة فيه علة تامة للحسن والقبح ، بحيث لا يتغيّر بزيادة أو نقيصة إطلاقا كالصدق النافع والكذب الضار ، فان مثل هذا الحسن والقبح ينافي النسخ ، لأنّ النسخ هو رفع الحكم بالحسن والقبح ، ولا يعقل رفع المعلول وهو الحكم بالحسن والقبح مع وجود علته التامة وهي طبيعة الصدق النافع وطبيعة الكذب الضار.
وعليه : فان اريد بالذاتي هو هذا المعنى ، فانه يتنافى مع النسخ ، وحيث إنه يتنافى مع النسخ أبطلوه كما قال : (وهو الذي أبطلوه بوقوع النسخ) فانه حيث كان النسخ موجودا في الشريعة كان دليلا على بطلان هذا المعنى.
ولكن بطلان هذا المعنى لا يستلزم بطلان الاستصحاب كما ادعاه صاحب القوانين ، بل صحته يستلزم بطلان الاستصحاب ، وذلك لأنه على هذا المعنى نقطع ، بعدم النسخ ، فلا شك فيه حتى نحتاج إلى إثبات عدم النسخ بالاستصحاب.