حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
ويرد عليه ـ بعد الاغماض عن عدم دلالة الآية على وجوب الاخلاص
______________________________________________________
(حُنَفاءَ) وهذا حال عن الفاعل في ليعبدوا ، وهو جمع حنيف مثل : شرفاء جمع شريف ، والمراد بالحنيف المائل عن الشيء ، فان الكفار لما كانوا على طريقة منحرفة ، فالمائل عن تلك الطريقة المنحرفة يكون حنيفا ويستلزمه ان يكون مستقيما ، فيكون قوله : (حُنَفاءَ) تأكيدا لقوله : (لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) ، لوضوح : ان من يعبد الله مخلصا يكون حنيفا أيضا.
(وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ) الملّة (الْقَيِّمَةِ) (١) فان قوله : (الْقَيِّمَةِ) صفة محذوف مثل : الملّة والطريقة وما أشبه ذلك على قول جماعة من المفسّرين ، فهو مثل قول الفقهاء : الرهن وثيقة الدّين ، فان الوثيقة مؤنّثا لا يكون صفة للرهن وهو مذكّر ، بل الوثيقة صفة مؤنث محذوف هي العين ، يعني : ان الرهن عين وثيقة للدّين.
وعلى أي حال : فقد استدلوا بالآية الشريفة على حكمين :
الأوّل : ان جميع ما في الشرع هو تعبّدي لا توصلي إلّا ما خرج بالدليل.
الثاني : انه يلزم فيها مضافا إلى قصد القربة خلوص النية عن الرياء ونحوه.
ثم انهم سحبوا هذين الحكمين من الشريعة السابقة بسبب الاستصحاب إلى شريعتنا وجعلوهما من ثمرات الاستصحاب.
(ويرد عليه) أي : يرد على هذا الاستدلال إشكالات أربعة أشار إليها المصنّف على النحو الآتي : (بعد الاغماض عن عدم دلالة الآية على وجوب الاخلاص
__________________
(١) ـ سورة البيّنة : الآية ٥.