فباعوها له. وكان الثمن غاليا. فهو رضاه والجنة. وهل يعادل هذا الثمن شيء في عالم الوجود.
ومن رحمته تعالى ان جعل للصفقة ثمنا. والا فهو واهب الانفس والأموال. وهو مالك الانفس والاموال. ولكنه تكريم لهذا الانسان جعل له ثمنا وعوضا. ومن كرمه جعل له ان يعقد العقود ويمضيها ـ حتى مع الله عزوجل ـ ومن كرمه قيده بعقود وعهود. وجعل وفاءه مقياس انسانيته الكريمة. ونقضه لها هو مقياس ارتكاسه الى عالم البهيمة. ويصبح شرا منها قال تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ)
وانها لبيعة رهيبة ـ بلا شك ـ ولكنها في عنق كل مؤمن ـ قادر عليها ـ لا تسقط عنه الا بالاداء والوفاء. ومن هنا تلك الرهبة التي استشعرها اللحظة وانا اخط هذه الكلمات. (ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم بان لهم الجنة) : عونك اللهم فان العقد رهيب. وهؤلاء الذين يزعمون أنفسهم (مسلمين) في مشارق الارض ومغاربها. وهم يحكمون بغير ما انزل الله. والله تعالى يقول : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) المائدة (٤٤)
ولقد كانت هذه الكلمات تطرق قلوب مستمعيها الاولين ـ على عهد رسول الله ص وآله ـ فتتحول من فورها في القلوب المؤمنة الى واقع من واقع حياتهم. ولم تكن مجرد معان يتلونها بالسنتهم وتسمعها آذانهم. بل كانت تستقر في نفوسهم فتبرز الاعمال بالفعل والتطبيق. هكذا كان ربح البيع. فالصفقة ماضية (والجنة هي الثمن المقبوض ورضوان من الله اكبر) ان الجهاد في سبيل الله بيعة معقودة بعنق كل مؤمن. وهي متلازمة مع كلمة (لا اله الا الله محمد رسول الله).