لينبغي لهم ان تمتلىء قلوبهم بالثقة حتى تفيض ، وان لهم ان يتوكلوا على الله وحده في وجه الطاغوت أيا كان.
وهم على يقين تام أن الطاغوت لن يضرهم اذا أراد مولاهم حمايتهم وحراستهم من كل أذى (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ .. وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا) (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ).
ويعجل السياق باعلان نجاة نوح ومن معه ، لان نوحا والقلة المؤمنة كانوا يواجهون خطر التحدي للكثرة الكافرة ، فلم تكن مجرد هلاك هذه الكثرة ، بل كان قبلها نجاة القلة من جميع أنواع الاخطار. واستخلافهم في الارض وهذا وعد الله لأوليائه المخلصين ، وهو على نصرهم لقدير ، وان العاقبة والاستخلاف للمؤمنين بعد هلاك المتكبر العاتي.
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (٧٤) ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (٧٥) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (٧٦) قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (٧٧) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ (٧٨))
البيان : فهؤلاء الرسل جاؤوا قومهم بالبينات ، والنص يقول : انهم ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ، وهذا يحتمل انهم بعد مجيء الآيات ظلوا يكذبون كما كانوا قبلها لان أهواءهم دعتهم لذلك والهوى اذا ملك صاحبه منعه من كل ما يتنافى معه.
و (كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ) ان القلب الذي يغلقه صاحبه ينطبع عليه ويتحجر فلا يعود صالحا للتلقي والاستقبال. لا ان الله يغلق