هذه القلوب ليمنعها من الاهتداء ابتداء ، حاشاه ، وانما هي تعميها الجرائم وينطبق الغطاء عليه فلا تبقى صالحة لان تتلقى الفيوضات الالهية ، أو أن يدخلها وعظ أو رشاد كالعين اذا عميت.
والآيات التي بعث بها موسى الى فرعون وملئه هي الايات التسع المذكورة في سورة الاعراف :
(قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ ، قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) فالسحر لا يستهدف هداية الناس ، ولا يتضمن عقيدة ، وليس له فكرة معينة عن الالوهية وعلاقة الخلق بالخالق. وما كان للساحرين عملا يستهدف مثل هذه الاغراض وما كانوا ليفلحوا وهنا يكشف الملأ عن حقيقة الدوافع التي تصدهم عن التسليم بآيات الله :
(قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) : واذن فهو الخوف من تحطيم معتقداتهم الموروثة التي يقوم عليها نظامهم السياسي والاقتصادي وهو الخوف على السلطان في الارض ، هذا السلطان الذي يستمدونه من خرافات عقائدهم الموروثة.
انها العلة القديمة الجديدة ، التي تدفع بالطغاة الى مقاومة الدعوات ، وانتحال شتى المعاذر ، ورمى الدعاة بأشنع التهم والفجور في مقاومة الدعوات والدعاة انها (الْكِبْرِياءُ.)
وتعلق فرعون وملؤه بحكاية السحر وارادوا ـ في أغلب الظن ـ ان يغرقوا الجماهير بها :
(ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ .. وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ). فان كراهتهم لا تعطل مشيئة الله. ولا تقف دون آياته. وقد كان. وبطل السحر وعلا الحق.