من الآيات والبينات. وعندئذ تكون كلمة الله وسنته قد حقت عليهم وتحققت فيهم واستحقوا العذاب والقصاص (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) : فلا ينفعهم حينئذ الايمان. لانه لم يجيىء عن اختيار. ولم تعد هناك فرصة لتحقيق مدلوله في الحياة. ومنذ هنيهة كان أمامنا مشهد يصدق هذا : مشهد فرعون حين ادركه الغرق بقوله :
(آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ).
وعند هذا الموقف الذي تظهر فيه حتمية سنن الله العامة. وانتهاؤها الى نهايتها المرسومة متى تعرض الانسان لها باختياره. تفتح نافذة مضيئة بآخر شعاع من اشعة الامل في النجاة. ذلك ان يعود المكذبون عن تكذيبهم قبيل وقوع العذاب. (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها) (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) وهو تخصيص ينسحب على الماضي فيفيد ان مدلوله لم يقع الا في قوم يونس. ولكن العقل السليم مع العدالة الآلهية يعطينا صورة ان نجاة قوم يونس لم يكن فيه محاباة. من الله عز شأنه. وانما يعطينا صورة يقينية. ان كل من لم يقبل الله عزوجل توبتهم عند نزول العذاب ان الله عالم انه ان رفع عنهم العذاب ليعودن لما كانوا عليه من العصيان والضلال الا قوم قوم يونس فقد علم الله انهم صادقون في ايمانهم لذلك استحقوا الرحمة ورفع العذاب عنهم بعد نزوله من السماء فلو ان جميع الامم صدقوا في دعواهم عند نزول العذاب كما صدق قوم يونس لكان الله العادل فعل بهم ما فعله في قوم يونس ورفع عنهم العذاب حتما.
ويمكنك تحقيق صحة ذلك من امهال الله تعالى لفرعون عند نزول الآيات قبل الغرق حيث اراه تسع آيات بينات وفي كل نزول آية عليه يتوسل بموسى (ع) ان يدعو ربه ان يرفع عنه هذا البلاء وله عليه العهد