الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨))
البيان : الآيتان الاوليتان تستحضران مشهدا فريدا ترجف له القلوب حين تتدبره وتتصوره ويالها من رهبة غامرة ، وروعة باهرة ، حين يتصور القلب البشري حضور الله سبحانه ، واحاطة علمه وقهره. بينما اولئك العبيد الضعاف يحاولون الاستخفاء منه وهم يواجهون آياته يتلوها رسوله ص وآله : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ... إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)
ولعل نص الاية انما يصور حالة واقعة كانت تصدر من المنافقين ، والرسول ص وآله يسمعهم كلام الله عزوجل. فيثنون صدورهم ، ويطأطئون رؤوسهم استخفافا من الله عزوجل والله اعلم بما هو اخفى وليست أغطيتهم بساتر دون علمه. ولكن الانسان يحس عادة في مثل هذه الخلوة انه وحيد لا يراه احد. لكن التعبير يلمس وجدانه ويوقظه ويهزه هزة عميقة. الى هذه الحقيقة التي قد يسهو عنها فيخيل اليه أن ليس هناك من عين تراه (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) عليم بالاسرار المصاحبة للصدور التي لا تفارقها. والتي تلزمها كما يلزم الصاحب صاحبه :
(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها ، وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها)
هذه صورة أخرى من صور العلم الشامل المرهوب ، هذه الدواب وكل ما تحرك على الارض فهو دابة. من انسان وحيوان