خاتمة المطاف : النجاة والبشرى له ولمن آمن معه والتهديد لمن ينحرف عن طاعته : (وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) كأنذار للناجين (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ .. ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ) : وهنا الاعجاز الخالد في القرآن انه يخبر عما وقع في العصور ويحكم بخفاء ما أخبره عن العالم بأمره حتى يبرهن لهم ان هذا القرآن وما اخبر به عن الامم السالفة من عند الله لا غير لانه لا يوجد من يعرف ذلك ولو كان ذلك في العصر من يعرف بما أخبر لتوجه الى الرد عليه بأسرع ما يكون لأنه تحدى وتعجيز لجميع من في الوجود. ويستحيل ان يسكت الاعداء لو كان عندهم علم بذلك. فهذا الاخبار غيب من عالم الغيب. وانما هو وحي من لدن حكيم خبير. ومما يثبت ما وقع من هلاك قوم نوح (ع) انه لم يكن في الدنيا بشر سوى هؤلاء الذين كذبوا نبيهم وعتوا وتجبروا فاستحقوا العذاب والدمار بعد الانذار والاعذار.
ـ ان قوم نوح (ع) هم الذين كذبوا بالحق لما جاءهم. واستمروا على طغيانهم حتى اهلكهم الله ولذلك يقال عن نوح (آدم الثاني) لأن البشر بعد الطوفان انحصر بذريته من بنات وبنين وازواجهن وزوجاتهم وما يتولد منهم وكانوا بأجمعهم مؤمنين صالحين لكن خلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فاصابهم ما يستحقون كما فعل بأشياع الاقدمين.
ان العقيدة تمثل أعلى خصائص (الانسان) التي تفرقه وتميزه عن عالم البهائم والحيوانات لانها تتعلق بالعنصر الزائد عن الحيوانية. وهو عنصر الروحانيات الذي به صار هذا المخلوق انسانا وتفضل به على سائر المخلوقات حتى المملائكة المقربين والدليل المحسوس على ذلك سجود الملائكة لاول بشر اوجده الخالق العظيم. ويستحيل في ميزان العدل.