(فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) : وبمثل هذا الدمار والنكال يأخذ ربك القرى حين تطغى وتحارب خالقها بعصيانه. وتتحكم بسلطانه ، وتدين بغير ربوبيته ، وما جلب ذلك الظلم الا عليها وعلى نفسها لذلك استحقت العقاب والعذاب (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ). (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ).
وهنا يرسم مشهد التجميع يشمل الخلق جميعا. والرهبة الشاملة تخيم على المشهد ومن فيه. والكلام باذن ، لا يجرؤ أحد على طلبه ، ولكن يؤذن لمن شاء الله فيخرج من صمته وذهوله الهائل.
ومن خلال التعبير نشهد (الَّذِينَ شَقُوا) نشهدهم في النار مكروبي الانفاس (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) ونشهد (الَّذِينَ سُعِدُوا) نشهدهم في الجنة لهم فيها عطاء غير مجذوذ ، دائم غير مقطوع ولا منقوص.
هؤلاء وأولئك خالدون كل فيما استحق من عذاب أو نعيم (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) نعوذ بالله من سوء العاقبة وقبح المنقلب.
(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢)
وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣) وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥) فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧))