يدسها في الرحل المخصص لأخيه. تنفيذا لتدبير خاص ألهمه الله له.
ثم ينادي مناد بصوت مرتفع في صيغة اعلام وهم منصرفون (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ). ويرتاع اخوة يوسف لهذا النداء الذي يتهمهم بالسرقة ـ وهم ابناء يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم ـ فيعودون ادراجهم يتبينون الامر المريب : (فقالوا (ما ذا تَفْقِدُونَ).
قال الغلمان الذين يتولون تجهيز الرحال او الحراس ومنهم هذا الذي أذاع الاعلام (قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) وأعلن المؤذن ان هناك مكافأة لمن يحضره متطوعا وهي مكافأة ثمينة حمل بعير.
ولكن القوم مستيقنون من براءتهم فهم لم يسرقوا وما جاؤوا ليسرقوا فهم يقسمون وثقين : (قالوا (لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ) قال الغلمان (فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ).
وهنا يكشف طرف التدبير الذي ألهمه الله يوسف (ع). فقد كان المتبع في دين يعقوب ان يؤخذ السارق رهينة او رقيقا في مقابل ما يسرق. ولما كان اخوة يوسف موقنين براءتهم ، فقد ارتضوا بحكم شريعتهم فيمن يظهر انه سارق ذلك ليتم تدبير الله ليوسف واخيه. (قالُوا جَزاؤُهُ .. فَهُوَ جَزاؤُهُ) وهذه هي شريعتنا نحكمها في السارق ، والسارق من الظالمين. كل هذا الحوار كان على منظر ومسمع من يوسف فأمر بالتفتيش وارشدته حصانته الى أن يبدأ برحالهم قبل رحل اخيه ، كي لا يثير شبهة (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ .. ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ) وجاءت المفاجأة العنيفة لابناء يعقوب (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) لقد قذفوا بها يوسف وأخاه وغاب عنهم ما كذبوه في يوسف على ابيهم بالدم الكذب. (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ .. قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً)
(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي