فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥))
البيان : والاية الكونية هنا تتجاوز الافاق الى الانفس ، فهذه الارض المحدودة للنظر والخطو ، وهذه الرواسي الملقاة على الارض ، وهي الارزاق المؤهلة للعيش والحياة فيها ، تصاحبها الاشارة الى النبت الموزون ، وهي كثيرة شتى : (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ).
فهم يعيشون على أرزاق الله التي جعلها لهم في الارض (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) فما من مخلوق يقدر على شيء أو يملك شيئا. انما هي خزائن الله عزوجل. ينزل منها على الخلق (بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) فليس من شيء ينزل جزافا. ولا اعتباطا ، ولا صدفة.
(وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) الرياح تنطلق وفق عوامل فلكية وجوية. وتحمل الماء وفقا لنواميس الهية. وتسقط بقدر معلوم في مكان معلوم. في وقت معلوم بنظام مضبوط والذي قدر ذلك كله هو الخالق العظيم والصانع القدير.
ونلاحظ في التعبير انه يرد كل حركة الى الله حتى شرب الماء (فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) فالرياح والماء ، والاستقاء كله يرجع الى سنة الله المدبر الحكيم.
(وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) وهنا يلتقي المقطع الثاني بالمقطع الاول. فهناك قال (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) وهنا يقرر ان اللحياة والموت بيد الله العزيز الحكيم. وان الله هو الذي يرث الارض ومن عليها. والسماء ومن فيها : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ).
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ