البيان : لقد استعرض ألوانا من النعمة ، فهو يعقب عليها (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) فضلا على أن تؤدوا شكرها. وأكثر النعم لا يدركها الانسان. لانه يألفها فلا يشعر بها الا حين ما يفقدها. وهذا تركيب جسده. ووظائف أعضائه وحواسه. متى يشعر بما فيه من انعام الا حين يدركه المرض بضعف بعضها وتعطيل وظيفتها. فحينئذ يحس بانعمه التي كانت ثم زالت.
والخالق يعلم ما خلق ، يعلم الخافي والظاهر : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ ، وَما تُعْلِنُونَ) فكيف يساوونه بتلك الالهة المدعاة وهي لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا. فضلا عن غيرها. بل انهم الاموات الا من أحياه الله ومن ثم فهم لا يشعرون بما يصيبهم وما يجرى لهم من احوال. (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) وما يشعرون ايانا يبعثون) : والاشارة هنا الى البعث وموعده فيها تقرير ان الخالق العظيم ، لا بد ان يعلم موعد البعث سواء كان الموت ، أو الحياة بعد الموت. وعنده يستوفي الاحياء جزاءهم على ما قدموا. فالالهة التي لا تعلم من البعث شيئا كيف تستحق أن تعبد من دون الذي خلقها ومتى أراد اعدامها ، وهذه سخرية بالعابدين لها.
(إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢) لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٤) لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٢٥))
البيان : (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فكل ما سبق في السورة من آيات الخلق ، وآيات النعمة وآيات العلم يؤدي الى هذه الحقيقة الكبيرة البارزة ، الواضحة الاثار في نواميس الكون وتناسقها وتعاونها كما سلف الحديث.