فالذين لا يسلمون بهذه الحقيقة ، ولا يؤمنون بالاخرة ـ وهي فرع عن الاعتقاد بوحدانية الخالق وحكمته وعدله ـ هؤلاء ، لا تنقصهم الآيات ولا تنقصهم البراهين. انما تكمن العلة في كيانهم وفي طباعهم ، أن قلوبهم منكرة جامدة لا تقر بما ترى من الايات (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ). فالقلب المستكبر ، لا يرجى له ان يقتنع أو يسلم. ومن ثم فهم مكروهون من الله.
هؤلاء المستكبرون ذووا القلوب المنكرة التي لا تقتنع ولا تستجيب اذا سئلوا : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) لم يجيبوا الجواب الطبيعي المباشر فيتلوا شيئا من القرآن. فيكونوا أمناء في النقل. ولو لم يعتقدوه. انما يعدلون عن الجواب الامين فيقولون : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
والاساطير هي الحكايات الوهمية الخرافية. وهكذا يصفون هذا القرآن ، الذي يعالج النفوس والعقول ، ويعالج أوضاع الحياة وسلوك الناس وعلاقات المجتمع وأحوال البشر في الماضي والحاضر والمستقبل ، حيث لم يوافق أهواءهم ومصالحهم الفاسدة الظالمة. فقد كانت قريش دعاية لحرب الاسلام. ويديرها امثال قريش في كل زمان ومكان من المستكبرين المفسدين في الارض الظالمين للعباد. لا يريدون التسليم للحق والبرهان.
(لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٢٥) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٦) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ (٢٧) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩))
البيان : التعبير صور هذا المكر في صورة بناء ذي قواعد وأركان وسقف. اشارة الى دقته واحكامه. ومتانة ضخامته ، ولكن