وحرم عليهم ما فيه هلاكهم وشقائهم وهددهم على فعله بأقسى العقوبات وهي الخلود في نار جهنم في الاخرة. والخزي والشقاء في العاجل قبل الاجل. فقال عزوجل (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) فهذا أمره وهذه ارادته لعباده وقال تعالى : (ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) وقال عزوجل :
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) انما خلق الله تعالى الخلق ليسعدهم ويرفعهم من صف البهائم والحيوانات الى مراتب الابرار والصديقين والملائكة المقربين. وقد منحهم العقل حتى يرجحوا به الخير على الشر. والصلاح على الفساد والطاعة على العصيان. فنبذوا عقولهم واتبعوا اهواءهم فسوف يلقون غيّا.
ثم شاءت حكمته تعالى ألا يدعهم لهذا العقل وحده. بل وضع لهذا العقل ميزانا صحيحا انزله من عنده الى رسله وأمرهم بتبليغه لعباده ليزنوا أمورهم عليه في جميع شؤونهم.
ولم يجعل الرسل جبارين يلوون أعناق الناس الى الايمان بالله والاذعان له بالطاعة. ولكن ارسلهم مبشرين ومنذرين ، مبلغين ومرشدين ، وترك للخلق الخيار فمن شاء فليؤمن فله من الله تعالى الكفالة من كل حاجة والعافية من كل بلاء والحراسة والحماية من كل خوف ورعب. وله في الاخرة جنات النعيم خالدا فيها ابدا. ومن شاء فليكفر فيكيله الله الى نفسه ولا يبالي بأي وادي هلك (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) : لقد كانت قضية البعث والحياة بعد الموت ، دائما هي مشكلة التنازع عند كثير من الناس ، منذ ان أرسل الله رسله للناس يأمرونهم بالمعروف ، وينهونهم عن المنكر. ويخوفونهم حساب الله وعذابه وخصوصا بعد الموت.