الانسان الواعية وهي تشمل ما اصطلح على انه العقل. وتشمل كذلك قوى الالهام الكامنة فيه مهما كانت. (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) حين تدركون قيمة النعمة في هذه وفي سواها من آلاء الله عليكم. واول الشكر للخالق العظيم : الايمان والاعتراف له بالوحدانية. والاذعان له بالطاعة والعبودية. وعجيبة اخرى من آثار القدرة الآلهية يرونها فلا يتدبرونها وهي مشهد عجيب معروض للعيون (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
ومشهد الطير مسخرات في جو السماء. مشهد مكرور. قد ذهبت الالفة بما فيه من عجب. وما يتلفت القلب البشري اليه حين يستيقظ. ويلحظ الكون بعين الشاعر الموهوب .. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فالقلب المؤمن هو القلب الشاعر. ببدائع الخلق والتكوين المدرك لما فيها من روعة باهرة. وحكمة بالغة. تهزّ المشاعر وتستجيش الضمائر. وتنعشها (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً ..) والسكن والطمأنينة في البيوت نعمة لا يقدرها حق قدرها الا المشرّدون الذين لا بيوت لهم ولا سكن لديهم يطمئنون فيه ـ هذا في هذه الحياة الوقتية فالويل لمن يغفل عن احراز بيت في دار الخلود والدوام التي اكثر الناس عنها غافلون ولذا يقول الشاعر :
(لا دار للمرء بعد الموت يسكنها |
|
الا التي كان قبل الموت بانيها) |
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) : والمشهد هنا يبدأ بموقف الشهداء من الانبياء والاوصياء. الذين هم يعلمون بما وقع في هذه الحياة مع اقوامهم. من تبليغ وتصديق وتكذيب. والذين كذبوا واوقفوا مواهبهم لا يؤذن لهم في حجة ولا استشفاع ولا يطلب منهم ان يسترضوا ربهم بعمل او قول فقد فات الاوان .. (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ)