والتعبير يلمس القلب لمسة قوية. وهو يشعر الناس ان يد الله هي التي تزجى لهم الفلك في هذه البحار. وتدفعه. (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ (إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً).
ولكن الانسان كفور. فما ان تنجلي الغمرة وتمسّ قدماه الارض حتى ينسى كل ما كان فيه وينسى الذي كان يتضرع اليه حتى نجاه من الغرق بين ان كادت تبتلعه الامواج ويصبح طعاما لهوام البحر. (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) الا من اتصل قلبه بالله فاشرق. (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ) : ان البشر في قبضة الله عزوجل في كل لحظة ومكان. انهم في قبضته عزوجل في البر كما هم في قبضته في البحر .. الا انها الغفله التي تعرض للانسان تنسيه خالقه العظيم. ويزين له الشيطان ذلك كأنها آخر شدة تعرض عليه. وكأن الله لم يبق له عليه قدرة.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢))
البيان : لقد كرم الله تعالى بني آدم بالعقل والادراك ومنحهم قابلية الترقي والاعتلاء. وخلق لأجل من اطاع الله تعالى منهم الكون وما حواه وسخر لهم كل مخلوق خلقه. ولاجل من اطاع الخالق العظيم منهم خلق الجنة وما فيها ومن نعم لا تحصى. ولاجل عقوبة من عصاه خلق النار وما فيها من العذاب والنكال. (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) اي بمن كانوا يأتمون به في هذه الحياة ويقتدون بافعاله. فان كان من اولياء الله فله الجنة وان كان من اولياء الشيطان فله النار وبئس المصير.