يا مُوسى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦))
البيان : (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) وما يتجلى فيه من رعاية الله وهداه لمن اصطفاه. فها هو موسى (ع) في الطريق بين مصر ومدين. الى جانب الطور. ها هوذا عائد بأهله بعد ان قضى فترة التعاقد بينه وبين نبي الله شعيب (ع) والارجح انه وفاه عشر سنين.
وهكذا عاد موسى (ع) وهكذا ضل طريقه في الصحراء. ومعه زوجته وقد ضل طريقه والليل مظلم والمتاهة واسعة. ولقد رأى النار في الفلاة فاستبشر وذهب ليأتي منها بقبس يستدفىء به أهله فالليلة باردة وليالي الصحراء باردة. لقد ذهب يطلب قبسا من النار ولكنه وجد المفاجأة الكبرى (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) : ان القلب ليرجف. وان الكيان ليرتجف وهو يتصور ـ ذلك المشهد ـ موسى فريد في تلك الفلاة والليل دامس. فاذا الوجود كله من حوله يتجاوب بذلك النداء (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) ان تلك الذرة الصغيرة الضعيفة المحدودة تواجه الجلال الذي لا تدركه الابصار. الجلال الذي تتضاءل امامه جميع المخلوقات وتسجد خشعا له وخضوعا. انها لحظة ترتفع فيها البشرية كلها وتكبر ممثلة في موسى (ع) فبحسب الكيان البشري ان يطيق التلقي من ذلك الفيض لحظة. وبحسب البشرية ان يكون فيها الاستعداد لمثل هذا اللقاء.
فالعقل البشري ليس له هنا ليدرك ويحكم. انما قصاراه ان يقف مبهوتا يشهد ويؤمن ويذعن (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) نودى بهذا البناء المجهول. فما يمكن تحديد مصدر النداء ولا تعيين