العدم. فالبدء كالاعادة لما تفرق او انعدم وهذا انما يظهر صعبا بالنسبة لمن قدرته محدودة والى المخلوقين. ولكن يستحيل ان يقال عن شىء صعب بالنسبة الى الخالق الذي (اذا أراد شيئا فحسبه أن يقول له كن فيكون)
ولكن القرآن المجيد يأخذ البشر بمقاييسهم ويخاطبهم بحسب مستواهم. ومنطقهم. فيوجه قلوبهم الى تدبر المشهود والمفهوم لهم ، وهو يقع لهم كل لحظة ويمرّ بهم في كل برهة. وهو من الخوارق التي لو تدبرونها بالعين البصيرة. والقلب المفتوح. والحس المدرك لارتهم حقائق الامور وارتفع عنهم كل مستور. ولم يقعوا في أدنى محظور. ولكنهم يمرون به او يمر بهم الشيء الكثير دون وعي منهم ولا انتباه لهم اليه لذا قال عزوجل :
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ). (اي ١٠٥)
أفلا ينظر أولوا الالباب : ما هم. ومن اين جاؤوا وكيف كانوا وفي أي الاطوار مرّوا والى أي شيء ينتهي أمرهم. (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) والانسان ابن هذه الارض واليها يعود. ومنها يخرج تارة اخرى. وهم عن جميع ذلك غافلون فسوف يعلمون حينما يظهر لهم الحال وينكشف عن بصائرهم الغطاء (فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ).
ولكن أين التراب. واين الانسان. أين تلك الذرات الساذجة. من ذلك الخلق السوي الذي هو في أحسن تقويم. الذي يضع قدميه على الارض. ويرفع بقلبه الى السماء. انها نقلة عجيبة ضخمة. بعيدة عن الاغوار والآماد. تشهد بالقدرة العظمى لخالقها. وبالحكمة الكبرى لصانعها ومدبرها. (نطفة. علقة. مضغة. انسان مفكر عظيم) (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) فتستوفوا نمو الاعضاء. وكمال الفهم والادراك ورفعة